هذه محاورة دارت بين المقوقس الذي كان يحكم في مصر تابعا للروم وبين رسله الذين أرسلهم إلى عمرو بن العاص رضي الله عنه أثناء حضار عمرو لحصن بابليون,
وقد حاول المقوقس أن يخيف المسلمين بقوة الروم كي يرحلوا عن مصر ولا يكملوا فتحها .
فأبقى عمرو رضي الله عنه رسل المقوقس عنده يومين وليلتين كي يروا حال المسلمين .
فلما جاءت رسل المقوقس إليه، قال: كيف رأيتموهم قالوا: رأينا قوماً الموت أحب إليهم من الحياة، والتواضع أحب إليهم من الرفعة، ليس لأحدهم في الدنيا رغبة ولا نَهمة، وإنما جلوسهم على التراب وأكلهم على رُكبهم، وأميرهم كواحد منهم، ما يعرف رفيعهم من وضيعهم، ولا السيد فيهم من العبد: وإذا حضرت الصلاة لم يتخلف عنها منهم أحد، يغسلون أطرافهم بالماء، ويتخشعون في صلاتهم. فقال عند ذلك المقوقس: والذي يُحْلف به، لو أن هؤلاء استقبلوا الجبال لأزالوها، ولا يقوى على قتال هؤلاء أحد،
هكذا نرى أن أعداء الإسلام كانوا يوقنون بقوة المسلمين إذا رأوهم متمسكين بدينهم مقبلين على طاعة ربهم لا تسكن الدنيا في قلوبهم وإن ملكوها في أيديهم كما يقول علماؤنا نفع الله بهم ,
هكذا علم المقوقس من تواضع المسلمين وزهدهم في الدنيا وإقبالهم على الآخرة وحرصهم على الصلاة وخشوعهم فيها (يا حسرة على تاركي الصلاة من أمتنا)
هكذا رأى أعداء الإسلام ما لم يره بعض المسلمين للأسف الشديد
فبعض المسلمين يروا أن التمسك بالشعائر وأحكام الدين لا علاقة لذلك بأمور المسلمين من حرب وسلم واقتصاد وسياسية وقوة عسكرية وغير هذا ,
بينما أعداء المسلمين يرون في هذا منتهى القوة للمسلمين وتأملوا قول المقوقس :
(والذي يُحْلف به، لو أن هؤلاء استقبلوا الجبال لأزالوها، ولا يقوى على قتال هؤلاء أحد،)
لذلك حرص عدونا على إلهائنا عن ديننا وإقناعنا بأن الدين لا مجال له في حياتنا سوى المسجد وفقط وبهذا اطمأنوا لتفوقهم علينا بعدما تخلى الكثير عن سر قوتنا